يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ

(2)

قولُهُ ـ تَعَالى شَأْنُهُ: {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ} المُرادُ بالْمَلائِكَةِ هُنَا إِمَّا جِبْريلُ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، وجَمَعَهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وتَنْويهًا بِمُهِمَّتِهِ ـ وَإنَّما يُسَمَّى الواحِدُ بالجَمْعِ إِذا كانَ رَئِيسًا، أَوْ لأَنَّ جِبْريلَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ حَفَظَةِ الوَحْيِ بِأَمْرِ اللهِ تعَالى، أَوْ لأَنَّهُ قَدْ يَنْزِلُ مَعَهُ غَيْرُهُ مِنَ المَلائكَةِ، فَيَحْضُرونَ الوَحْيَ حُرَّاسًا لَهُ. فَقد أَخْرَجَ آدَمُ بْنُ أَبي إِيَاسٍ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ، فِي العَظَمَةِ، وَابْنُ مِرْدُوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ، فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَاتِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، قَالَ: “الرُّوح” أَمْرٌ مِنْ أَمْرِ اللهِ، وَخَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللهِ، وصُوَرُهُمْ عَلَى صُورَةِ بَني آدَمَ. وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكٌ إِلَّا وَمَعَهُ وَاحِدٌ مِنَ الرُّوحِ، ثمَّ تَلَا قولَهُ تَعَالى مِنْ سُورَةِ النَّبَأِ: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا} الآيَة: 38. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ، فِي العَظَمَةِ، عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، فِي قَوْلِهِ تَعَالى: “يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ” قَالَ: إِنَّهُ لَا يَنْزِلُ مَلَكٌ إِلَّا وَمَعَهُ رُوحٌ كالحَفيظِ عَلَيْهِ، لَا يَتَكَلَّمُ، وَلَا يرَاهُ مَلَكٌ، وَلَا شَيْءٌ مِمَّا خَلَقَ اللهُ تعالى. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، فِي قَوْلِهِ: “يَنْزِلُ الْمَلَائِكَةُ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ” قَالَ: بِالْوَحْيِ وَالرَّحْمَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنِ الْحَسَنِ البَصْرِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، فِي قَوْلِهِ: “يَنْزِلُ الْمَلَائِكَةُ بِالرُّوحِ” قَالَ: بِالنُّبُوَّةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ فِي العَظَمَةِ عَنِ الضَّحَّاكِ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، فِي قَوْلِهِ: “يَنْزِلُ الْمَلَائِكَةُ بِالرُّوحِ” قَالَ: الْقُرْآنِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ، عَنِ الرَّبيعِ بْنِ أَنَسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، فِي قَوْلِهِ: “يَنْزِلُ الْمَلَائِكَةُ بِالرُّوحِ”، قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ رَبُّنَا فَهُوَ رُوحٌ، و “مِنْ أَمْرِهِ” قَالَ: بِالرَّحْمَةِ وَالْوَحْيِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، فَيَصْطَفي مِنْهُمْ رُسُلًا. وَذَكَرَ ابْنُ العَربيِّ أَنَّ ذَا القَرْنَيْنِ كانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ مَلَكٌ يٌقَالُ لَهُ: “رَفائيل”، فَكانَ يُلْقي إِلَيْهِ الوَحْيَ، ويَطْوِي لَهُ الأرْضَ. أَوْ: لأَنَّهُ قَدْ يَنْزِلُ بالوَحْيِ غَيْرُهُ مِنَ المَلائِكَةِ، فقد جاءَ في صَحِيحِ مُسْلِمٍ: (إِنَّ سُورَةَ “الحَمْد” نَزَلَ بِهَا مَلَكٌ لَمْ يَنْزِلْ إِلَى الأَرْضِ قَبْلَ ذَلِكَ). وقالَ ـ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: ((إنَّ إِسْرافِيلَ وُكِّلَ بِي في ثلاثِ سِنِينَ، فَكانَ يَأْتيني بالكَلِمَةِ والكَلِمَتَيْنِ، ثُمَّ كانَ جِبْريلُ يَأْتيني بالقُرآنِ فِي كُلِّ وَقْتٍ)). ورُوِيَ أَنَّ خَالِدَ بْنَ سِنَانٍ كانَ نَبِيًّا، وكانَ يَأْتيهِ بِالوَحْيِ مَالِكٌ خازِنُ النَّارِ، وكانَ بَعْدَ عِيسَى ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَلَمْ يَبْقَ في النُّبُوَّةِ إِلَّا عِشْرينَ يَوْمًا، ثُمَّ مَاتَ، فَلِقِصَرِ مُدَّتِهِ لَمْ يُعَدَّ نَبِيًّا بَينَ عِيسَى وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنَّما كانَتْ فَتْرَةُ خَمْسَمِئَةِ عَامٍ. فَقد أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ في مُعجمِهِ الكَبيرِ والنَّصُّ لهُ، وَالْحَاكِمُ في مُسْتدركِهِ، وَصَحَّحَهُ، مِنْ طَرِيقِ أَبي يُونُسَ (وهو حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ)، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَبْسٍ يُقَالُ لَهُ: خَالِدُ بْنُ سِنَانَ، قَالَ لِقَوْمِهِ: أَنَا أُطْفِئُ عَنْكُمْ نَارَ الْحَدَثَانِ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ عُمَارَةُ بْنُ زِيَادٍ (رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ): وَاللهِ مَا قُلْتُ لَنَا يَا خَالِدُ قَطُّ إِلَّا حَقًّا، فَمَا شَأْنُكَ وشَأْنُ نَارِ الْحَدَثَانِ؟. تَزْعُمُ أَنَّكَ تُطْفِئُها، قَالَ: فَانْطَلَقَ مَعَهُ عُمَارَةُ بْنُ زِيَادٍ فِي نَاسٍ مِنْ قَوْمِهِ حَتَّى أَتَوْها وَهِيَ تَخْرُجُ فِي شَقِّ جَبَلٍ فِي حَرَّةٍ يُقَالُ لَهَا: حَرَّةُ أَشْجَعَ، قَالَ: فَخَطَّ لَهُمْ خَالِدٌ خَطَّةً فَأَجْلَسَهُمْ فِيهَا، وَقَالَ: إِنْ أَبْطَأْتُ عَلَيْكُمْ فَلَا تَدْعُونِي بِاسْمِي، فَخَرَجَتْ كَأَنَّهَا خَيْلٌ شُقْرٌ يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَاسْتَقْبَلَهَا خَالِدٌ فَجَعَلَ يَضْرِبُهَا بِعَصَاهُ وَهُوَ يَقُولُ: بَدَا بَدَا كُلٌّ هُدى مُرْدًا، زَعَمَ ابْنُ رَاعِيَةِ الْمَعْزَى أَنِّي لَا أَخْرُجُ مِنْهَا وَثِيَابِي تَنْدَى حَتَّى دَخَلَ مَعَهَا الشِّقَّ، فَأَبْطَأَ عَلَيْهِمْ، قَالَ: فَقَالَ عُمَارَةُ بْنُ زِيَادٍ: وَاللهِ لَوْ كَانَ صَاحِبُكُمْ حَيًّا لَقَدْ خَرَجَ إِلَيْكُمْ بَعْدُ، فَقَالُوا: إِنَّهُ قَدْ نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَهُ بِاسْمِهِ، قَالَ: فَدَعُوهُ بِاسْمِهِ، قَالَ: فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ وَقَدْ أَخَذَ بِرَأْسِهِ، فَقَالَ: أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَدْعُونِي بِاسْمِي؟، فَقَدْ وَاللهِ قَتَلْتُمُوني، فَادْفِنُونِي فَإِذَا مَرَّتْ بِكُمُ الْحُمُرُ فِيهَا حِمَارٌ أَبْتَرُ فانْبُشُوني فَإِنَّكُمْ سَتَجِدُوني حَيًّا، قَالَ: فَمَرَّتْ بِهِ الْحُمُرُ فِيهَا حِمَارٌ أَبْتَرُ، فَقَالُوا: انْبُشْهُ فَإِنَّهُ قَدْ أَمَرَنَا أَنْ نَنْبُشَهُ، فَقَالَ لَهُمْ عُمَارَةُ بْنُ زِيَادٍ: لَا تُحَدِّثُ مُضَرُ أَنَّا نَنْبُشُ مَوْتَانَا وَاللهِ لَا تَنْبُشُوهُ أَبَدًا، قَالَ: وَقَدْ كَانَ خَالِدٌ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ فِي عِكْمِ امْرَأَتِهِ لَوْحَيْنِ، فَإِذَا أَشْكَلَ عَلَيْكُمْ أَمْرٌ فَانْظُرُوا فِيهِمَا، فَإِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ مَا تَسْأَلُونَ عَنْهُ، وَقَالَ: لَا يَمَسَّهُما حَائِضٌ قَالَ: فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى امْرَأَتِهِ سَأَلُوها عَنْهُمَا، فَأَخْرَجَتْهُما وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَهَبَ مَا كَانَ فِيهِمَا مِنْ عَلِمٍ، قَالَ: وَقَالَ أَبُو يُونُسَ: قَالَ سِمَاكٌ: إِنَّ ابْنَ خَالِدِ بْنِ سِنَانَ أَتَى النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَرْحَبًا بِابْنِ أَخِي)). وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ، فِي شُعَبِ الإِيمانِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كُلُّ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا عشرَةً: نُوحٌ، وَهُودٌ، وَصَالحٌ، وَلُوطٌ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَإِسْحَاقُ، وَإِسْمَاعِيلُ، وَيَعْقُوبُ، وَشُعَيْبُ، وَمُحَمّدٌ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ لَهُ اسْمَانِ إِلَّا عِيسَى وَيَعْقُوبُ فَيَعْقوبُ إِسْرَائِيلُ، وَعِيسَى الْمَسِيحُ. وأَظْهَرُ هَذِهِ الأَقْوالِ أَنَّ الْمُرَادَ بِـ “الرُّوحِ” هُنَا هُوَ الْوَحْيُ، لِأَنَّ الْوَحْيَ للْأَرْوَاحِ، كَالْغِذَاءَ للْأَجْسَامِ، ففيهِ حياتُها، وَوَجْهُ تَشْبِيهِ الْوَحْيِ بِالرُّوحِ أَنَّ الْوَحْيَ إِذَا وَعَتْهُ الْعُقُولُ حَلَّتْ بِهَا الْحَيَاةُ الْمَعْنَوِيَّةُ وَهُوَ الْعِلْمُ، كَمَا أَنَّ الرُّوحَ إِذَا حَلَّ فِي الْجِسْمِ حَلَّتْ بِهِ الْحَيَاةُ الْحِسِّيَّةُ، يَدُلُّ لِهَذَا قَوْلُهُ ـ سبحانَهُ وتَعَالى، هُنَا: “أَنْ أَنْذِرُوا” بَعْدَ قَوْلِهِ: “يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ”، لِأَنَّ الْإِنْذَارَ إِنَّمَا يَكُونُ بِالْوَحْيِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ في الآيةِ: 45، مِنْ سُورَةِ الأَنَبِياءِ: {قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ}، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ} الآية: 15، بَعْدَ قَوْلِهِ: {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} الآية: 15، مِنْ سورةِ غافِر، لِأَنَّ الْإِنْذَارَ إِنَّمَا يَكُونُ بِالْوَحْيِ. وَمِمَّا يَدُلُّ أَيضًا عَلَى أَنَّ الْوَحْيَ هُوَ الْمُرَادُ بِالرُّوحِ، قَوْلُهُ تَعَالَى مِنْ سُورةِ غافِر: {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ} الآية: 15، وَقَوْلُهُ مِنْ سُورَةِ الشُّورَى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ} الآية: 52. وَ “مِنْ”  في “مِنْ أَمْرِهِ” للْجِنْسُ، أَيْ مِنْ أُمُوره، وَأُمورُهُ شُؤونُهُ، وَمُقَدَّرَاتُهُ الَّتِي اسْتَأْثَرَ بهَا ـ سُبْحانَهُ. وَذَلِكَ هو وَجْهُ إِضَافَتِهِ إِلَى اللهِ ـ تعالى، هُنَا. وَكَذلك فِي قَوْلِهِ مِنْ سُورةِ الشُورَى: {وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنا} الآية: 52، وَفي قَوْلِهِ مِنْ سورةِ الرَّعْدِ: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ} الآية: 11، وَفي قولِهِ مِنْ سُورَة الْإِسْرَاء: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} الآية: 85، لِمَا تُفِيدُهُ الْإِضَافَةُ مِنَ التَّخْصِيصِ.

قولُهُ: {عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} أَيْ: عَلَى مَنِ اخْتَارَهُ مِنْ عِبَادِهِ وَعَلِمَ أَنَّهُ أَهْلٌ لِذَلِكَ، وأَعَدَّهُ لِحَمْلِ رِسَالَتِهِ إِلىَ خلْقِهِ وَكَلَّفَهُ بِحَمْلِها. وَقدْ بَيَّنَ تعالى هَذا المَعْنَى فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ الكَرِيمِ، فقَالَ في الآيَةِ: 90، مِنْ سُورَةِ البَقَرَةِ: {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ}، وقَال في الآية: 124، مِنْ سُورةِ الأَنْعَامِ: {اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}، وقالَ في الآية: 75، مِنْ سُورَةِ الحَجِّ: {اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ}، وَقَالَ في الآية: 15، مِنْ سُورَةِ غافر: {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ}. وَفي هَذِهِ الْآيَاتُ وَأَمْثَالِهَا رَدٌّ عَلَى الْكُفَّارِ الذينَ قَالوا: {لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} الآية: 31، مِنْ سُورَةِ الزُخْرُفِ. وَجملةُ قَوْلِهِ تَعَالى: “بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ” اعْتِرَاضٌ وَاسْتِطْرَادٌ بَيْنَ فِعْلِ “يُنَزِّلُ” وَمُفَسِّرِهِ.

قولُهُ: {أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ} ثمَّةَ حَرْفُ جَرٍّ مَحْذوفٌ هُنَا حَذْفًا مُطَّرِدًا مَعَ (أَنْ). وَالتَّقْدِيرُ: أَنْذِرُوا بِأَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا. والْمَعْنَى: أَنَّ الْوَحْيَ الَّذِي أُنْزِلَتْ بِهِ الْمَلَائِكَةُ على المُرسَلينَ إِنَّما هُوَ لإِنْذَارِ النَّاسِ بِأَنَّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ “لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ” فيُقِرُّوا بالوَحْدانيَّةِ لَهُ ـ جَلَّ وَعَلَا، وَلِيَأَمُرَهُمْ المُرْسَلُونَ بِتَقْوَى اللهِ تعالى والابْتِعادِ عمَّا يُغْضِبُهُ ـ سُبْحانَهَ. فَالْأَظْهَرُ فِي “أَنْ” أَنَّهَا هِيَ الْمُفَسِّرَةُ هُنَا، لِأَنَّ فِي إِنْزَالَ الْمَلَائِكَةِ بِالرُّوحِ، (أَيْ: بِالْوَحْيِ) مَعْنَى الْقَوْلِ دُونَ حُرُوفِهِ. وَقَدْ أَوْضَحَ ـ جَلَّ جَلَالُهُ، هَذَا الْمَعْنَى فِي غيرِ موضِعٍ مِنْ كتابِهِ الكريمِ، فَقالَ في الآيةِ: 25، مِنْ سُورَةِ الأَنْبِيَاءِ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}، وَقَالَ بعدها في الآية: 108، منَ ذاتِ السُّورَةِ: {قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}، وَقَالَ: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} الآية: 36، مِنْ سورةِ النحلِ، وَقَالَ مِنْ سُورَةِ الزُخرُفِ: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} الآيَةَ: 45، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ. و “فاتَّقون” خِطابٌ لأُولئكَ المُسْتَعجِلِينَ العذابَ والعُقوبةَ، عَلَى طَريقَةِ الالْتِفَاتِ، والفَاءُ هنا هي الفَصَيحَةُ، أَيْ: إِذا كانَ الأَمْرُ كَمَا ذُكِرَ مِنْ جَرَيَانِ عَادَتِهِ ـ سُبحانَهُ، بِتَنْزيلِ المَلائكَةِ عَلَى الأَنْبِياءِ ـ عَلَيْهِمُ الصلاةُ والسَّلامُ جَميعًا، وأَمْرِهمْ بِأَنْ يُنْذِرُوا النَّاسَ، كُلَّ النَّاسِ، بِأَنَّهُ لا شَريَكَ لَهُ فِي الأُلُوهِيَّةِ فاتَّقُوا اللهَ فِي الإِخْلالِ بِمَضْمَونِهِ، وَمُباشَرَةِ مَا يُنَافِيهِ مِنَ الإِشْراكِ وَفُرُوعِهِ التي مِنْ جُمْلَتِها الاسْتِعْجَالُ، والاسْتِهْزَاءُ. وتَقْوَى اللهِ ـ تَعَالَى، هِيَ رُوحُ الْأَرْوَاحِ، وَمَطْلَعُ كلِّ السَّعَادَاتِ، وَمَنْبَعُ الْخَيْرَاتِ وَالْكَرَامَاتِ كُلِّها.

قولُهُ تَعَالى: {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ} يُنَزِّلُ: فِعْلٌ مُضارعٌ مرفوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ النَّاصِبِ والجازِمِ، وفاعِلُهُ ضَميرٌ مُسْتترٌ فيهِ جوازًا تقديرُهُ (هوَ) يَعُودُ عَلَى “اللهِ” تَعَالَى، و “الْمَلَائِكَةَ” مَفْعُولٌ بِهِ مَنْصُوبٌ، و “بِالرُّوحِ” الباءُ: حرفُ جَرٍّ ومجرور متعلِّقٌ بِحَالٍ مِنَ “الْمَلَائِكَةَ” أَيْ: حَالَةَ كَوْنِهِمْ مُتَلَبِّسِينَ بالرُّوحِ والوَحْيِ، أَوْ: وَمَعَهُمُ الرُّوحُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكونَ مُتَعَلِّقًا بِنَفْسِ الإِنْزَالِ، و “الرُّوحِ” مجرورٌ بِحَرْفِ الجَرِّ. و “مِنْ” حرفُ جَرٍّ لِبَيَانِ الجِنْسِ، أَوْ للتَبْعِيضِ، مُتَعَلِّقٌ بِحَالٍ مِنَ “الرُّوحِ”، وَ “أَمْرِهِ” مَجْرورٌ بحرفِ الجَرِّ. والجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحَلَّ لها مِنَ الإعرابِ.

قولُهُ: {عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} عَلَى: حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ “يُنَزِّلُ”، و “مَنْ” اسمٌ موصولٌ بمعنى “الذي”، مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في محلِّ الجرِّ بحرفِ الجرِّ. و “يَشَاءُ” فِعْلٌ مُضَارَعٌ مَرْفُوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازِمِ، وفاعِلُهُ ضَميرٌ مُسْتترٌ فيهِ جوازًا يَعودُ عَلَى “اللهِ” تعالى، و “مِنْ” حرفُ جرٍّ متعلِّقٌ بِحالٍ مِنَ المَوْصُولِ، أَوْ مِنَ العائدِ المَحْذوفِ، و “عِبَادِهِ” مَجرُورٌ بِحَرْفِ الجَرِّ مُضافٌ، وَالهاءُ: ضميرٌ متَّصِلٌ في مَحلِّ الجَرِّ بالإضافَةِ إِلَيْهِ. والجُمْلَةُ صِلَةُ المَوْصُولِ، والعَائدُ مَحْذوفٌ، والتَقْديرُ: عَلَى مَنْ يَشَاؤُهُ.

قولُهُ: {أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ} أَنْ: مُفَسِّرَةٌ بِمَعْنَى: “أَيْ”. لأَنَّ الوَحْيَ فِيهِ ضَرْبٌ مِنَ القَوْلِ، والإِنْزَالُ بِالرُّوحِ عِبَارَةٌ عَنِ الوَحْيِ. أَوْ أَنَّها المُخَفَّفَةُ مِنَ الثَّقيلَةِ، واسْمُها ضَميرُ الشَّأْنِ مَحْذوفٌ والتَقْديرُ: أَنَّ الشَّأْنَ أَقُولُ لَكُمْ: (إِنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا)، قالَهُ الزَمَخْشَرِيُّ: أَوْ أَنَّها مَصْدَرِيَّةٌ وَمِنْ شَأْنِها نَصْبُ المُضَارِعِ، ووُصِلَتْ بالأَمْرِ كَما في قولِكَ: كَتَبْتُ إِلَيْهِ بِأَنْ قُمْ. فإنْ قُلْنَا: إِنَّها المُفَسِّرةُ فَلا مَحَلَّ لَهَا، وَإِنْ قُلْنا: إِنَّها المُخَفَّفَةُ، أَوِ النَّاصِبَةُ فَفي مَحَلِّها ثَلاثَةُ أَوْجُهٍ، أَحَدُها: أَنَّها مَجْرورَةُ المَحَلِّ بَدَلًا مِنْ “الرُّوح”؛ لأَنَّ التَوْحِيدَ رُوْحٌ تَحْيا بِهِ النُّفُوسُ. وثانيها: أَنَّها فِي مَحَلِّ الجَرِّ عَلَى إِسْقَاطِ الخَافِضِ، كَمَا هوَ مَذْهَبُ الخَليلِ. والثالثُ: أَنَّها فِي مَحَلِّ النَّصْبِ عَلَى إِسْقاطِهِ، وهوَ مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ، والأَصْلُ: بِأَنْ أَنْذِرُوا، فَلَمَّا حُذِفَ الجارُّ جَرَى الخِلافُ المَشْهُورُ. و “أَنْذِرُوا” فِعْلُ أَمْرٍ مَبْنِيٌّ عَلَى حَذْفِ النُّونِ مِنْ آخِرِهِ لأَنَّهُ مِنَ الأَفعالِ الخَمسةِ، وواوُ الجماعةِ ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ الرَّفعِ فاعِلُهُ، والألفُ فارقة. والجُمْلَةُ مُفَسِّرَةٌ للرُّوحِ، بِمَعْنَى الوَحْيِ الدَالِّ عَلَى القَوْلِ، أوْ “أَنْ” مَصْدَرِيَّةٌ، وجملةُ “أَنْذِرُوا” في مَحَلِّ النَّصْبِ بِـ “أَنْ” المَصْدَرِيَّةِ مَبْنِي عَلَى حَذْفِ النُّونِ لأَنَّهُ منَ الأفعالِ الخمسَةِ، وجُمْلَةُ “أَنْ” المَصْدَرِيَّةُ مَعَ صِلَتِهَا في تَأْويلِ مَصْدَرٍ مَجْرُورٍ عَلَى كَوْنِهِ بِدَلًا مِنَ “الرُّوحِ” والتَقديرُ: يُنَزِّلُ المَلائكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ، يُنَزِّلُ المَلائكةَ بإِنْذارِهم للنَّاسِ، و “أَنَّهُ” أَنَّ: حَرْفٌ ناصِبٌ ناسِخٌ مُشَبَّهٌ بالفِعلِ للتوكيدِ، والهاءُ: ضَميرُ الشَّأْنِ في مَحَلِّ النَّصْبِ اسْمًا لها. و “لَاَ” نَافِيَةٌ تَعْمَلُ عَمَلَ “إنَّ”، وَ “إلَهَ” فِي مَحَلِّ النَّصْبِ اسْمًا لَهَا، وَخَبَرُ “لَاَ” مَحْذُوفٌ جَوازًا تَقْديرُهُ: لا إِلَهَ مَوْجودٌ. و “إِلَاَ” أَدَاةُ اسْتِثْنَاءٍ مُفَرَّغٍ، أوْ أَداةُ حصرٍ. و “أَنَا” ضَميرُ رَفْعٍ مُنْفَصِلٌ في مَحَلِّ الرَّفْعِ على البَدَلِ مِنَ الضَميرِ المُسْتَكِنِّ فِي خَبَرِ “لَاَ”، وجُمْلَةُ “لَا” فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ خَبَرُ “أَنَّ”، وَجُمْلَةُ “أَنَّ” فِي تَأْويلِ مَصْدَرٍ مَنْصُوبٍ عَلَى المَفْعُولِيَّةِ لِـ “أَنْذِرُوا”، والتَقديرُ: أَنْ أَنْذِرُوا عَدَمَ وُجُودِ (أَوْ كَوْنِ) إِلَهٍ غَيْرِي. والإِنْذارُ قَدْ يَكونُ بِمَعْنَى الإِعْلامِ. يُقَالُ: نَذَرْتُهُ بِكَذا، وَأَنْذَرْتُهُ بِكَذا، أَيْ: أَعْلِمُوهُمُ التَّوْحيدَ.

قولُهُ: {فَاتَّقُونِ} الفاءُ: للتَفْريعِ، أَوْ هِي الفَصيحَةُ؛ أَفْصَحَتْ عَنْ جَوابِ شَرْطٍ تَقْديرُهُ: إِذا كانَ الأَمْرُ كَمَا ذُكِرَ، مِنْ جَرَيَانِ عَادَتِهِ ـ تَعَالَى، بِتَنْزيلِ المَلائكَةِ عَلَى الأَنْبِياءِ، وأَمَرَهُمْ بِأَنْ يُنْذِرُوا النَّاسَ أَنَّهُ لا شَريكَ لَهُ فِي الأُلُوهِيَّةِ، وأَرَدْتُمْ بَيَانَ مَا هُوَ اللَّازِمُ لَكُمْ، فأَقولُ لَكُمْ اتَّقوني. و “اتَّقُون” فِعْلُ أَمْرٍ مَبْنِيٌّ عَلَى حَذْفِ النُّونِ مِنْ آخِرِهِ لأنَّهُ مِنَ الأفعالِ الخمسَةِ، والواوُ وواوُ الجماعةِ ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ مبنيٌّ على السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفعِ فاعِلُهُ، والنُّونُ نُونُ الوِقايَةِ، ويَاءُ المُتَكَلِّمِ المَحْذوفَةُ اجْتِزاءً عَنْها بِكَسْرَةِ نُونِ الوِقايَةِ في مَحَلِّ النَّصْبِ على المَفْعُوليَّةِ، والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةِ هذهِ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ مَقولُ القَوْلِ لِجَوابِ “إذا” المُقَدَّرَةِ، وَجُمْلَةُ “إذا” المُقَدَّرَةُ جملةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ. وفيها الْتِفاتٌ إِلى التَكَلُّمِ بَعْدَ الغَيْبَةِ.

قَرَأَ الجُمهورُ: {يُنَزِّلُ المَلائِكَةَ} بِتَشْديدِ الزَّايِ، وبالتاءِ مِنْ فوقُ مَبْنِيًّا للمَعْلُومِ والفاعِلُ هوَ اللهُ تَعَالَى، و “المَلائِكَةَ” مفعولٌ بِهِ منصوبٌ. وَقَرَأَ زَيْدُ بْنُ عَليٍّ، والأَعْمَشُ، وأَبو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ: “تَنَزَّلُ المَلائِكةُ” بِتَشْديدِ الزَّايِ، وبالتَاءِ مِنْ فوقُ أَيْضًا، لكنْ بالبِنَاءِ للمَفْعُولِ، فرُفِعِ “الملائكةُ” لقيامِهِ مَقامَ فاعِلِهِ. وَقَرَأَ الجَحْدَرِيُّ كَذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُ خَفَّفَ الزَايَ. وَقَرَأَ الحَسَنُ، والأَعْرَجُ، وأَبُو العَالِيَةِ والمُفَضَّلُ عَنْ عَاصِمٍ “تَنَزَّلُ” بِتَاءٍ وَاحِدَةٍ مِنْ فَوْقُ، وتَشْديدِ الزَايِ مَبْنِيًّا للفاعِلِ، والأَصْلُ: “تَتَنَزَّلُ” بِتَاءَيْنِ. وَقَرَأَ ابْنُ أَبي عَبْلَةَ “نُنَزِّلُ” بِنُونَيْنِ وَتَشْديدِ الزَايِ، و “المَلائكَةَ” نَصْبًا، وقرَأَ قَتَادَةُ كذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ بالتَخْفيفِ. قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وفِيهِمَا شُذُوذٌ. ولَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَ الشذوذِ فيهِما، وَوَجْهُهُ: أَنَّ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ مُضْمَرٌ غَائبٌ، وتَخْريجُهُ عَلَى الالْتِفاتِ.

Leave a comment

Follow الشاعر عبد القادر الأسود on WordPress.com